يُعتبر اعتلال الشبكية السكري من أخطر المضاعفات الصامتة لمرض السكري، حيث يتطور تدريجيًا دون أن يسبب أعراضًا واضحة في بدايته. ومع مرور الوقت قد يؤدي هذا الاعتلال إلى ضعف النظر أو حتى فقدانه بالكامل إذا لم يتم تشخيصه وعلاجه في الوقت المناسب.
تتأثر شبكية العين بارتفاع مستويات السكر في الدم عبر تلف الأوعية الدموية الدقيقة، مما يسبب نزيفًا أو تسربًا للسوائل داخل العين. لذلك فإن الفحص الدوري، ومعرفة الأعراض والعلاجات المتاحة، يمثلان حجر الأساس للوقاية من العمى الناتج عن السكري.
❓هل مرض السكر يؤثر على شبكية العين؟
نعم السكري يمكن أن يسبب تلفًا في الأوعية الدموية الدقيقة في شبكية العين ويسبب اعتلال الشبكية السكري الذي قد يؤدي إلى فقدان البصر إن لم يُكتشف ويُعالج مبكرًا.
📌 ارتفاع السكر المزمن يضر بطبقات صغيرة من الأوعية الدموية في الشبكية (الأوعية الدموية الدقيقة)، فيبدأ بظهور نتوءات صغيرة (تمدد الأوعية الدموية الدقيقة)، تسرب سوائل وخلايا دموية، ثم انسداد للشعيرات وفتور إمداد الأكسجين (فقر دم موضعي). استجابةً لانخفاض الأكسجين قد تنمو أوعية جديدة هشة تؤدي لنزيف أو انفصال للشبكية في المراحل المتقدمة.
📌 الخطر يزيد مع طول مدة المرض، عدم التحكم في السكر، ارتفاع ضغط الدم، ارتفاع الدهون، التدخين وبعض الحالات المصاحبة (مثل أمراض الكلى). اعتلال الشبكية هو سبب رئيسي لفقد البصر عند البالغين العاملين.
- اعتلال الشبكية قد يكون صامتًا لسنوات الفحص الدوري ضروري حتى عند غياب الأعراض.
- السيطرة على سكر الدم وضغط الدم والدهون تقلل خطر تطوّر المرض.
💡إذا كنت مصابًا بالسكري ولم تفحص عينيك خلال السنة الأخيرة احجز فحص عيني شامل الآن.
❓ما هي أعراض تأثير السكر على العين؟
أعراض تأثير السكري على العين تشمل ضبابية الرؤية، ظهور نقاط أو خيوط طافية (floaters)، صعوبة الرؤية الليلية أو فقدان بؤري في الرؤية المركزية، وغالبًا تبدأ بصورة تدريجية.
🔎 لماذا تظهر هذه الأعراض:
- ضبابية سريعة ومؤقتة: ناتجة عن تغيرات سريعة في مستوى السكر تؤدي إلى تورم عدسة العين أو تغير في انكسارها (refractive change)؛ عادةً تتحسّن الرؤية عندما يعود السكر لمستواه الطبيعي.
- ضبابية مستمرة أو فقدان مركز الرؤية: غالبًا بسبب وذمة البقعة (Diabetic Macular Edema - DME) عندما تتسرّب السوائل إلى البقعة (المركز) من الشبكية فتتعطّل الرؤية المركزية.
- نقاط/خيوط طافية أو فقدان مفاجئ للرؤية: قد تدل على نزيف زجاجي أو انفصال شبكية، وهما طوارئ بصرية تستدعي مراجعة فورية.
🔢 كيف تميّز بين سببٍ وآخر:
- إذا تغيّرت الرؤية بسرعة خلال أيام مع تغيّر العلاج أو الأكل → فكر في تغيرات سكر الدم / عدسة العين.
- إذا الرؤية مشوشة مركزياً وتزداد تدريجيًا → فكر في وذمة البقعة (DME).
- إذا ظهرت فجأة “مثل سحابة داكنة” أو نقاط كثيرة → راجع فورًا (نزيف أو انفصال).
💡احتفظ بمقياس سكر بجانبك عند حدوث ضباب مفاجئ — قياس السكر خطوة سريعة ومفيدة — وإذا كان طبيعيًا واستمرت الأعراض فراجع أخصائي عيون فورًا.
❓ما هي درجات اعتلال الشبكية السكري؟
يوجد تصنيف ثلاثي أساسي: الاعتلال غير التكاثري (Non-Proliferative DR) بمراحله (خفيف، متوسط، شديد)، ثم الاعتلال التكاثري (Proliferative DR) المصحوب بنمو أوعية جديدة، مع إمكانية وجود وذمة بقعية في أي مرحلة.
🔬 المراحل والسمات:
- المرحلة المبكرة Mild NPDR: وجود تمدد للأوعية الدموية الدقيقة فقط وأعراض قليلة أو معدومة.
- Moderate NPDR: زيادة في النزيف النقطي، تصلب الشرايين الدقيقة، بداية انسداد أوعية.
- Severe NPDR: انتشار نقاط نزيف واسعة، تَضيّق وريدي (venous beading) وIRMA (تشكل أوعية بديلة داخل الشبكية) هذا يسبق التكاثري.
- Proliferative DR (PDR): نمو أوعية جديدة هشة على سطح الشبكية أو قزحية العين؛ هذه الأوعية تنزف بسهولة وتؤدي لنزيف زجاجي أو ندب يسحب الشبكية (tractional retinal detachment).
- Diabetic Macular Edema (DME): ليس مرحلة منفصلة بل تعقيد يمكن أن يحدث في أي مرحلة ويُسبب فقد الرؤية المركزية.
📌 ماذا يعني هذا عمليًا للمتابعة والعلاج؟
- المراجعة السنوية مبدئيًا، وقد تكون كل 3–6 أشهر أو أكثر حسب شدة NPDR أو وجود DME.
- وجود علامات NPDR المتقدمة أو PDR يتطلب تدخلات عاجلة (ليزر/حقن مضاد-VEGF/جراحة).
💡تشخيص درجة المرض يعتمد على فحص موسع وصور شبكية وأحيانًا تصوير الأوعية بالفلوريسئين لا تحاول تقييم الشدة بالذاتك، اترك التصنيف للأخصائي.
❓ما هي أعراض اعتلال الشبكية السكري؟
أعراض اعتلال الشبكية قد تكون غيابية في المراحل الأولى؛ ومع التقدّم تظهر: ضبابية الرؤية، صعوبة القراءة، ظهور نقاط وومضات، وتشوش الرؤية المركزية في حال وجود وذمة.
🔎 شرح مفصّل بحسب الشدة:
- المراحل المبكرة (NPDR الخفيفة): غالبًا لا أعراض؛ يكشفه فحص العين الدوري أو تصوير الشبكية.
- المراحل المتوسطة إلى الشديدة: رؤية ضبابية متقطعة، صعوبة في الرؤية الليلية، ظهور “أجسام طافية” (floaters) نتيجة نزيف طفيف داخل الجسم الزجاجي.
- المرحلة التكاثرية (PDR): نزيف زجاجي مفاجئ، فقد بؤري أو فقد كامل للرؤية إذا حدث انفصال شبكية.
- وجود وذمة بقعية (DME): يشكو المريض خصوصًا من تشوش الرؤية المركزية وصعوبة التركيز والقراءة.
🔢 أعراض تنبه للطوارئ (راجع فورًا):
- رؤية سحب داكنة أو “ستار” يغطي جزء الرؤية.
- ظهور العديد من الومضات الضوئية فجأة.
- فقدان مفاجئ للرؤية أو انقطاع رؤية جزئي.
💡أي ظهور لأعراض الطوارئ السابقة يتطلب مراجعة طارئة لأقرب قسم عيون التأخر قد يعرّض الرؤية للخطر الدائم.
❓ما هي أسباب نزيف شبكية العين لمرضى السكري؟
أغلب نزيف الشبكية عند مرضى السكري يحدث بسبب نمو أوعية جديدة هشة في المرحلة التكاثرية أو تمزق microaneurysms في المراحل غير التكاثرية؛ أسباب أخرى قد تشمل ارتفاع ضغط الدم أو أدوية مميعة للدم.
🔬 شرح مفصّل (آليات النزف):
- النمو الوعائي (PDR): عندما تنمو أوعية جديدة فوق سطح الشبكية أو في الجسم الزجاجي تكون رقيقة وسهلة النزيف؛ نزيف هذه الأوعية يملأ الجسم الزجاجي ويُسبب فقد بصر مفاجئ.
- تمزق microaneurysms أو تلف الأوعية الدقيقة في NPDR: يسبب نقط نزيف موضعية على الشبكية أو داخل الجسم الزجاجي.
- عوامل مساعدة: ارتفاع ضغط الدم غير المسيطر، تناول مضادات التجلط أو مميعات الدم، التهابات داخل العين، أو إصابات مباشرة.
🔢 ماذا يحدث بعد النزف وكيف يُدار؟
- تقييم مدى النزف (صغير/واسع) وفحص الشبكية بعد رجوع الرؤيا أو باستخدام التصوير بالموجات الصوتية للعين إذا كانت الشبكية غير مرئية.
- إذا كان النزف بسبب PDR فقد يحتاج المريض إلى علاج ليزري شامل (PRP) أو حقن مضاد-VEGF أو جراحة استئصال الزجاجية (vitrectomy) للحفاظ على الرؤية.
💡إذا شعرت بنزيف مفاجئ (رؤية “سحابة” أو نقاط كثيفة)، تجنب قيادة السيارة وراجع أخصائي عيون فورًا هذا ظرف طبي عاجل.
❓هل انخفاض السكر يؤثر على العين؟
نعم انخفاض سكر الدم الشديد قد يسبب تشوش الرؤية، ازدواجية أو فقدان مؤقت للوضوح، وهذه التأثيرات غالبًا مؤقتة وتتحسن بعد عودة السكر لمستواه الطبيعي.
📌 الدماغ وشبكية العين يحتاجان إلى غلوكوز للعمل الطبيعي؛ انخفاض الغلوكوز يضعف وظيفة الخلايا العصبية والخلية البصرية مؤقتًا ينتج عنه ضعف تباين الرؤية، ضبابية، أحيانًا ازدواج الرؤية أو اضطراب حركة العين.
📌 بينما فرط السكر قد يسبب تورم العدسة وضبابية مرضية تستمر حتى استقرار السكر، نقص السكر يسبب أعراضًا عصبية سريعة الزوال بعد تناول سكر.
🔢 نصائح عند حدوث أعراض بصرية مع انخفاض سكر:
- قياس سكر الدم فورًا.
- تناول 15–20 جرام سكر سريع الامتصاص (عصير فواكه، أقراص غلوكوز)، أعد القياس بعد 15 دقيقة.
- لا تقود السيارة أو تتعامل مع آلات حتى يعود السكر ويزول العرض.
- إذا تكررت نوبات نقص السكر مع أعراض بصرية — استشر طبيب السكري لتعديل الخطة العلاجية.
💡ضبابية أو ازدواج أثناء عملك أو قيادتك قد تكون علامة على نوبة نقص سكر — علّم من حولك كيفية التعامل بسرعة إن حدثت.
❓كيف يتم فحص شبكية العين لمرضى السكري؟
الفحص القياسي يتضمن فحصًا بالمصباح الشقي بعد توسيع حدقة العين (dilated fundus exam)، وغالبًا تُستخدم أيضاً صور الشبكية الرقمية، OCT لتقييم الوذمة، وأحيانًا تصوير الأوعية بالفلوريسئين.
🔬 خطوات وأدوات الفحص:
- الفحص السريري الممتد (dilated fundus exam): الطبيب يوسع بؤبؤ العين بموسعات ليشاهد كامل الشبكية والشبكية الطرفية. هذا الفحص يبقى “الذهبِي” في التشخيص.
- التصوير الرقمي (Fundus photography): يستخدم للسجل والمتابعة ومجهزات الفحص عن بعد (retinal screening).
- OCT (Optical Coherence Tomography): اختبار غير جراحي يقيس سماكة البقعة ويكشف الوديما بدقة، مهم لتخطيط علاج DME.
- Fluorescein angiography (FA): تصوير الأوعية بعد حقن صبغة؛ يكشف مناطق التسرب والإقفار ويُستخدم في قرار العلاج عند الحاجة.
- تواتر الفحص: عادة فحص سنوي لمرضى السكري، أكثر تواترًا إذا وُجد اعتلال شبكي أو عوامل خطورة أخرى.
📌 ماذا تحضّر للفحص؟
- اصطحب نتائج سكر الدم الأخيرة (HbA1c إن وُجد)، أدوية تأخذها، وارتدِ نظاراتك إن كنت تستعملها.
- توقع توسيع بؤبؤ العين وقد تستمر حساسية الضوء لبضع ساعات.
💡احرص على فحص شبكية سنويًا على الأقل الفحص المبكر هو الذي ينقذ الرؤية في معظم الحالات.
❓ما طرق علاج ضباب العين عند مرضى السكري؟
العلاج يعتمد على السبب: إذا كان ضباب العين ناتجًا عن تغيرات سكرية في العدسة فإعادة ضبط السكر عادةً تحسّن الرؤية، أما إذا كان سببه وذمة بقعية أو نزيف فسيتطلب علاجًا طبيًا كالحقن المضاد-VEGF، الليزر أو جراحة.
🔬 شرح مفصّل حسب السبب:
- ضباب مؤقت بسبب تغيّر مستوى السكر أو تورم العدسة: ضبط السكر وفق خطة الطبيب، تصحيح وصفة النظارة بعد استقرار السكر. هذا النوع غالبًا عكوس.
- ضباب دائم أو مركزي بسبب DME: العلاجات الفعّالة اليوم هي حقن مضادات VEGF داخل العين (ranibizumab, aflibercept, bevacizumab) وتظهر دراسات وتحليلات منهجية أنها تحسّن الرؤية وتقلل الوذمة؛ في بعض الحالات يُضاف ليزر بؤري أو حقن كورتيزون موضعي.
- ضباب نتيجة نزيف كبير أو ندوب زجاجية: قد يحتاج المريض إلى جراحة استئصال الزجاجية (vitrectomy) لإزالة الدم والندوب واستعادة رؤية أفضل.
🔢 إجراءات منزلية مؤقتة (ليست علاجًا بديلاً):
- راقب سكر الدم وحاول تثبيته.
- تجنب القيادة إذا كانت الرؤية ضبابية.
- لا تستخدم قطرات أو أدوية بدون وصفة طبية قبل استشارة أخصائي العيون.
💡لا تؤجل زيارة أخصائي العيون عند استمرار الضباب أو تكراره — التأخر قد يقود إلى تدهور يصعب علاجه لاحقًا.
❓ما دور الليزر في علاج اعتلال الشبكية السكري؟
الليزر وخصوصًا panretinal photocoagulation (PRP) يقلّل خطر فقدان البصر الشديد في اعتلال الشبكية التكاثري، بينما يستخدم الليزر البؤري أحيانًا للتحكم في بعض حالات وذمة البقعة.
📌 PRP (ليزر شملى للشبكية): يُطبّق في حالات PDR لتقليل الحاجة للأوعية الجديدة عن طريق تقليل الأنسجة الشبكية غير الضرورية التي تستهلك الأكسجين؛ أثبتت الدراسات التاريخية (مثل DRS) أن PRP يقلل من خطر فقدان البصر الشديد. لكن لها آثار جانبية مثل تقليل الرؤية الطرفية أو القدرة على الرؤية الليلية.
📌 ليزر بؤري/شبكي للوذمة: كان يُستخدم سابقًا لعلاج بعض حالات DME لكن الآن الحقن المضاد-VEGF باتت الخيار الأول لمعظم الحالات؛ الليزر قد يبقى خيارًا مساعدًا أو في حالات مختارة.
📌 التخطيط والآثار: القرار يتخذ بعد فحص دقيق (صور شبكية، OCT، FA) ومناقشة فوائد ومخاطر الليزر مع المريض.
💡الليزر قد ينقذ البصر لكنه ليس علاجًا دون آثار ناقش مع طبيبك تأثيره المتوقع على الرؤية الطرفية والقدرة على القيادة ليلاً.
❓هل يمكن الشفاء من اعتلال الشبكية السكري؟
لا يُعتبر اعتلال الشبكية السكري قابلاً «للشفاء» بمعنى إرجاع كل تغيّرٍ أو ندبة إلى الحالة الطبيعية دائمًا، لكن العديد من الحالات خصوصًا إذا اكتُشفت مبكرًا يمكن تثبيط تقدمها أو حتى تحسّن الرؤية باستخدام العلاجات الحديثة.
📌 ما يمكن تحقيقه اليوم: التحكم في السكر والضغط قد يوقف أو يبطئ تقدم المرض؛ علاجات مثل مضادات-VEGF يمكن أن تقلّل الوذمة وتحسّن الرؤية لدى كثيرين؛ الليزر يقلّل مخاطر فقدان البصر في PDR؛ والجراحة قد تعيد الرؤية في حالات النزيف أو الانفصال.
📌 ما لا يمكن دائماً عكسه: مناطق نخر (ischemia) أو تندب شبكي واسع أو تلف دائم للخلايا العصبية الشبكية قد لا تعود إلى حالتها الطبيعية حتى بعد أفضل علاج.
📌 الاكتشاف المبكر والاستجابة الجيدة للعلاج تعطي فرصًا ممتازة للحفاظ على الرؤية أو تحسينها؛ أما التأخير في التشخيص فقد يجعل الشفاء الكامل غير ممكن.
💡كثير من المرضى يستفيدون من العلاجات الحديثة ويحققون استقرارًا أو تحسّنًا طويل الأمد ولكن أفضل فرصة للنجاح هي الكشف المبكر والالتزام بالعلاج والمتابعة.
فى الختام، اعتلال الشبكية السكري ليس قدرًا محتومًا لكل مريض سكري، بل هو مضاعفة يمكن الحد من تطورها والوقاية منها عبر الفحص المبكر، وضبط مستويات السكر والضغط، والالتزام بالعلاجات الموصوفة. إن حماية نظرك تبدأ من وعيك بخطورة المرض وسرعة استجابتك لأي عرض بصري جديد. تذكّر أن زيارة طبيب العيون بانتظام قد تكون الفارق بين رؤية سليمة وبين فقدان لا يمكن تعويضه.
إرسال تعليق